Tuesday, July 31, 2007

جبناء.. لا يحترمون الشجاعة

عندما يقيد الحق بأغلال السكوت ويسجن في ظلمات الصمت.. يكون الوطن بأسره رهين الحبس بمعتقلات الباطل... ومما يؤسف له في هذا الزمن تكاثر أهل الصمت والساكتون عن الحق... إما خوفا أو طمعا... سلبية بغيضة ومشينة جعلتنا جميعا ضحية للفساد الذي نخر بسوسه كل مفصل من مفاصل هذا البلد ومؤسساته حتى ضرب كل زاوية من زواياه وهز كل ركن من أركانه
.
وهذا الجمع من الصامتين والساكتين لا يتكاثرون إلا في بيئة الفساد وحول زبانيته... ومن أبرز صفاتهم أنهم لا يحسنون من الكلام إلا ما يثبط العزائم ويهبط الهمم لكبت أي صوت يحاول أن يرتفع لقول كلمة حق... لأنهم لا يريدون في محيطهم من يتسامى على نقيصتهم، ففي ذلك تعرية لوضاعت موقفهم أمام أنفسهم... فهم حريصون كل الحرص على أن يتساوى معمه الجميع في مقام الرذيلة والصمت الذي ارتضوه... فإذا أبى أحد السير مع القطيع الصامت كان نصيبه منهم التشنيع ونعته بأوصاف التشنج.. ونقص الحكمة.. وقلة الفهم.. والحماقة
.
وأمثال هؤلاء المتكاثرون حول زبانية الباطل لا يقال لهم إلا: عفى الله عنكم... جبناء ثم لا تحترمون الشجاعة
.
إن التسامي عن المضي في ركب هذا القطيع يتطلب تحرير النفس من خوفها وطمعها.. وتخليصها من سلبيتها.. حتى تتطهر من نفاق الصمت.. وتطلق كلمة الحق من عقال السكوت... فلا تكون في زمرة الشياطين الخرس... فإن عزفنا عن قول هذه الكلمة وأعرضنا عن الصدع بها أصبحنا جزء من هذا الفساد بل وأداة من أدواته... فالفاسد ليس من يصدر القرارات ويوجه الأوامر فقط، بل هو كل من يصغي ويطيع وينفذ (مهما صغر حجمه وقل دوره).. وهو كل من يرى ويسمع دون أن يحرك ساكنا أو يمارس واجبه بالتنبيه والاعتراض.. فكلهم شركاء.. وكل يمارس دوره بطريقته ووفقا (لحجمه).. إما بأمر الفاسد.. أو بتنفيذ الذليل.. أو بسكوت المنافق.. أو بصمت العاجز الضعيف في مقام رفع الصوت والصدع بالحق... وليس هناك أقبح من أن يجمع المرأ بين وضاعة الدور والحجم ووضاعة الموقف والقيم
.
وفي النهاية لا يهول أحد تكاثر هذا القطيع الصامت وتعاضم جمعهم لأنهم زبد لا أصل له ولا مستقر... ولأن الشجاعة تقتضي أن نحتقر النقيصة ولو اطمأن إليها الجميع... فإذا ثقل على بعضنا أن ينفرد بالفضيلة في وسط الرذائل فليخفف عنه أنه سيكون القدوة لغيره في ذلك على طريق الحق.. طريق الوطن
.
العبارات المكتوبة باللون الأزرق هي اقتباس من كلمات الاستاذ الدكتور والقاضي الفقيه/ عبد الرزاق السنهوري

Friday, July 27, 2007

نيران صديقة من مصر

كانت رحلة قصيرة وعودة سريعة للتو من القاهرة
.
نيران صديقة رواية قديمة للمبدع علاء الأسواني صاحب روايتي عمارة يعقوبيان وشيكاجو...ا
في بداية الرواية يورد الكاتب عبارة مشهورة لمصطفى كامل يقول فيها:" لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا".. ثم يعلق عليها بالقول:" اخترت هذه العبارة لأبدأ بها أوراقي لأنها أسخف ما سمعت في حياتي! وهي تمثل نوعا من التعصب القبلي الغبي الذي ما إن أفكر فيه حتى يتملكني الغيظ، فماذا لو أن السيد مصطفى كامل ولد صينيا مثلا أو هنديا؟.. هل كان سيردد العبارة ذاتها معتزا بجنسيته الصينية أو الهندية؟.. وهل لاعتزازه هذا أية قيمة إذا كان وليد الصدفة؟؟ وإذا كان مصطفى كامل يختار ـ بإرادته الواعية كما يزعم ـ أن يكون مصريا!. فلا بد أن أسبابا مهمة تدفعه إلى هذا الاختيار!. لا بد أن يرى في الشعب المصري فضائل لا توجد في أي شعب آخر!. ما هذه الفضائل إذن؟!. هل يتميز المصريون مثلا بالجدية وحب العمل كالألمان أو اليابانيين؟!. هل يعشقون المغامرة والتغيير كالأمريكان؟!. هل يقدرون التاريخ والفنون كالفرنسيين والإيطاليين؟!. ليسوا على أي شيء من ذلك.. بماذا يتميز المصريون إذن؟. أين هي فضائلهم؟. أنني أتحدى أي شخص أن يذكر لي فضيلة مصرية واحدة؟!. الجبن والنفاق، الخبث واللؤم، الكسل والحقد، هذه هي صفاتنا المصرية... ولأننا ندرك حقيقة أنفسنا فنحن نداريها بالصياح والأكاذيب.. شعارات رنانة جوفاء نرددها ليل نهار عن شعبنا المصري (العظيم) والمحزن أننا من فرط ترديدنا الأكاذيب صدقناها..." انتهى
.
كان كلام الأسواني قاسيا.. إلا أنه ـ في تقدري ـ لم يكن يقصد به الإساءة بقدر ما كان يريد أن يستفز المشاعر الوطنية (الحامية) المعروفة عند الشعب المصري ليستثمرها في عرضه لفكرة خلاصتها: أن الشعوب التي عبرت عن حبها لأوطانها بزخم من العطاء والتضحية.. وتاريخ طويل من الكافح ضد الفساد.. ونضال من أجل الحرية والمساواة وسيادة القانون، هي من استطاعت أن تقود أوطانها للتفوق.. وهو ما جعلها جديرة بالفخر بانتمائها لهذه الأوطان.. وهي ـ في واقع الحال ـ عندما تفتخر بذلك إنما تفخر وتعتز بنفسها لأنها هي من صنع العظمة والمجد للوطن الذي تنتمي إليه بما تحمله من قيم وما تحلت به من فضائل... أما الشعوب التي عبرت عن حبها لأوطانها بالشعارات الفارغة فلم تحقق لأوطانها إلا مزيد من التراجع عن مواكبة المتقدمين والتخلف عن ركب المتسابقين.. لأن الشعارات لا تخبز رغيفا، ولا تحيك قميصا، ولا تردع فاسدا، ولا تنصر حقا، ولا تزهق ظلما، ولا تقيم عدلا... ويبقى أن نقول: أن موقع أي دولة بين باقي الدول هو الذي يعكس موقع شعبها بين باقي الشعوب
.
وهنا أتساءل.. هل ما قدمناه وحققناه لوطننا وأمتنا يبرر لأي منا أن يفتخر بالقول:" لو لم أكن كويتيا وعربيا لوددت أن أكون كويتيا وعربيا"؟؟
.
للحديث بقية

Friday, July 20, 2007

هذه الجادة... فأين السالك؟

طرحت الزميلة (فراولة) من خلال مدونتها المتميزة (نور الدنيا) السؤال التالي: لو رجع العمر فينا عشرة أعوام... فما نحن فاعلون؟؟
.
ومجرد طرح السؤال يثير الشجون... وأما البحث عن جواب له فيستدعي حوارا طويلا ومعمقا مع النفس... ويستحضر الماضي... ويبعث طاقات التأمل والتفكر والتبصر بأحداثه التي لا تزال إلى اليوم تؤثر فينا وفي مجريات حياتنا... لأنها تمثل حصيلة خبراتنا ورصيدنا من التجارب
.
سؤال بسؤال
إلا أنني في نهاية المطاف ـ وبعد كل هذا الحوار والاستحضار والتفكر ـ انتهي إلى نتيجة مؤداها: أنني لا أعرف جميع أخطائي... ولكني أزعم بأني أعرف أخطرها وأكثرها تأثيرا في حياتي... والسؤال الأهم بالنسبة لي على هذا الصعيد هو: لو أن عجلة العمر رجعت فعلا إلى الوراء فهل سأحسن التصرف وأغير من قراراتي وأصحح أخطائي وأعيد صياغة حياتي نحو الأفضل؟؟ وإلى أي مدى؟؟
.
هل نحن صادقون؟
أطرح هذا السؤال في هذا المقام لأن الواقع العملي يكشف أن الكثير منا لم يسعى ـ قط ـ للاستفادة من تجاربه السابقة، ولم يبذل جهدا ـ ولو متواضعا ـ في تصحح أخطائه الحاضرة وتقويم مسار حياته الراهنة... فهل هؤلاء يستحقون أن يعود بهم الزمن ليمنحول فرصة أخرى؟؟... وهل أنا من هذا الصنف من الناس؟؟
.
لا يزال في الوقت متسع
جميعنا يتمنى أن تكون له حياتين... الأولى يرتكب فيها الأخطاء والحماقات، والثانية يتعلم فيها من أخطائه وتجاربه... وهذه الأمنية ـ مع الأسف الشديد ـ غير قابلة للتحقق... ولكن ما هو متيسر وقابل للتحقق هو أن نستفيد من تجارب السنين الماضية في التعامل مع أحداث السنين الباقية... والحد الأدنى من هذه الاستفادة هي ألا نتمادى في أخطائنا ولا نعمقها... وأن نسعى في تصحيحها وتجنبها... وأن نمضي قدما بحياتنا إلى الأمام محاولين تحقيق ما فاتنا تحقيقه... فلا يزال بالوقت متسع... ولا تزال الحياة تبشر من استبدل أحلامه بالطموح، وقرن طموحه بالعمل والعزيمة، بتحقيق كل ما كان يحلم به ويطمح لتحقيقه... ومن استبدل اسرافه على نفسه بالتوبة، وقرن توبته بالندم والإقلاع عن المعصية، بمغفرة من الله ورحمة... ومن استبدل عقوقه بالبر.. وجهله بالتعلم... وغضبه بالتحلم.. وبخله بالكرم.. وجبنه بالشجاعة.. ونفاقه بالاخلاص.. وكسله بالنشاط... وسلبيته بالإيجابية.. وقعوده بالمبادرة.. وتثاقله بالمثابرة.. وبغضه بالمحبة.. وأنانيته بالإيثار.. و.. و.. و.. لا تزال الحياة تبشر كل هؤلاء وغيرهم بالخير والعوض عما فات... فلا نضيع هذا الأوقات الثمينة حتى لا يضيق علينا ما هو متسع الآن من فسحة العمر... فالأماني لن تعيد السنين... ولن ينفع بعد فواتها الندم والأنين
.
هذه الجادة فهل تكون من السالكين؟
وهنا يبعث صوت من داخلي يحرضني بالقول: إن كنت صادق فعلا في تدارك ما فات... فهذه الجادة... فهل تكون من السالكين؟

Saturday, July 14, 2007

حديث النفس عند البلاء

عندما يقبل البلاء تتبعه جيوش الألم، وكتائب الضيق، وجنود الجزع، التي تحاصر النفس وتسعى لاحتلالها.. فلا تجد إلا (الصبر) يقبل مسرعا لمواجهة هذا الزحف.. شاهرا سيفه وحاملا درعه.. ينافح ويدافع عن هذه النفس المستغيثة... حتى إذا استوعب الصدمة الأولى وصدها تكسرت على إثرها كل الصدمات وهانت بعدها كل الهجمات
.
ثم تراه يعود إلى النفس ليحتضنها ويرعاها... محاولا أن يسكن فزعها ويأمن روعتها... فيكفكف دموعها ويداوي جراحها ويخفف من ضيق حصارها... ويهمس لها ببضع كلمات:"عسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيء وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" فقري عينا فقد أصابك ضر وصبرتي وكان ذلك خيرا لك فاحتسبي الأجر والمثوبة
.
فتهدأ النفس على وقع هذه الكلمات وتبدأ مشاعر الراحة تتغلغل إليها وتغمرها... فترد على (الصبر) بالقول: صدقت... ولعل في الأمر خيرة... رضينا بما قدر لنا.. فالحمد لله على ما قدر
.
وبعد قسط من الاستقرار.. يجلس (الصبر) ليتداس مع النفس بأمر ما حل بها... فيبادرها بالقول: أيا نفس، إعلمي أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه... ولقد انتقاك الله واصطفاك ـ والانتقاء عملية أكثر تمحيصا وأشد تدقيقا من الاختيار ـ وخصك بهذا الابتلاء دون سواك... وأراده أن يكون خيرا لك... ثم أكرمك بأن جعلك نفسا راضية... وأمرني بأن أكون في عونك... فلا تبتأسي واعلمي أن فرج الله قريب
.
فتقف النفس برهة لتتفكر... وبعدها تتبدد كل ملامح الحزن وقسمات الضيق التي اعتلتها، لتحل محلها مسحة الرضا وطمأنينة السعادة... وكأنه قد تبدى ما كان خافيا عليها من أمر الخير الذي أعد لها... فتفيض مشاعرها بامتنان الخاشع لخالقه... وتتسابق على خدها دموع من احتضنته رحمة الله ومغفرته بعد أن أقر بذنبه ومعصيته... فترد على (الصبر) بالقول: وهل أنا أستحق من ربي كل هذا الكرم والعطا؟
.
فمن أنا؟؟ حتى أحظى من خالق السماوات والأرض ومالك يوم الدين بهذه النظرة دون بقية العالمين... ومن أنا؟؟ حتى يفضلني على غيري ويخصني بهذا الانتقاء.. فينعم علي بهذا الابتلاء ليكفر به ذنبي ويمحو به معصيتي ويزيد به أجري ويقوي به عزمي... وبعد ذلك لا يتركني حتى يشرح صدري بالرضا ويشد أزري (بالصبر) لعينني في أمري وينصرني على كربي
.
ثم تسترسل النفس بالقول: فكأن هذا الابتلاء الذي كدت أن أجزع منه وأضيق به قبل لحظات معدودة، بات أعظم نعمة صيرها الله خالصة لي من دون الناس... فسبحان من كان كل أمره عطاء وكرم وسخاء.. وهذا لا يكون إلا للمؤمن الذي "إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"... أفلا أكون بعد ذلك عبدا شكورا؟
.
............................
.
على الهامش: جاء بصحيفة القبس عدد يوم الجمعة الموافق 13/7/2007 أن الدكتور/ أحمد الربعي سيجري عملية جارحية في الرأس في إحدى مستشفيات بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية... فلندعوا جميعا لأبو قتيبة بالشفاء العاجل والعودة إلى بلده وأهله بأسرع وقت ممكن سالما معافا... اللهم أأأمين يا رب العالمين

Tuesday, July 10, 2007

خبر وتعليق... جولة في الصحافة المحلية

لو كنت رئيسا للوزراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
لفت نظر عنوان لافتتاحية جريدة (الوسط) الكويتية يقول:(لوكنت رئيسا للوزراء)... واستحضر هذا العنوان عندي قصيدة للشاعر الكبير/ أحمد مطر بعنوان (لو كنت رئيسا عربيا)... فأستحسنت إعادة نشرها (بتصرف بسيط) بعد إذن الشاعر
.
أنا لو كنت رئيسا للوزراء... لحللت المشكله
وأرحت الشعب مما أثقله
أنا لو كنت رئيسا... لدعوت الوزراء والأعضاء
ولألقيت خطابا موجزا عما يعانى شعبنا منه وعن سر العناء
ولقاطعت جميع الاسئله... وقرأت البسمله
وعليهم وعلى نفسي قذفت القنبلة
............
.....
...
هذا هو رأي الشاعر... فما هو رأيكم؟
.
........................................................................
.

جمعية المدونين الكويتية
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
أمين سر جمعية الصحفيين الكويتية فيصل القناعي (سامحه الله وغفر له) وفي مقابلة صحفية منشورة بجريدة (الوطن) صب جملة من الأوصاف السيئة، والشتائم القبيحة، والاتهامات الباطلة، على المدونات وأصحابها من المدونين
.
ولست هنا بصدد الرد على ما قاله (أمين السر) لسببين:
.
الأول: أني لم أجد في كلامه شيء من (الطرح الموضوعي والعلمي) الذي يستحق الرد عليه... فمعظم ما قرأته كان (شتيمة) وكلام (قبيح) في وصف المدونات، لا يمت للواقع بصلة.. ويكشف بأن قائله غير مطلع بصورة فعلية وجاده على ما تطرحه هذه المدونات
.
والثاني: أنني لا أريد تكرار ما كُتبَ ردا عليه من قبل بعض المدونات الزميلة والصديقة التي تصدت مشكورة لهذا الأمر
.
إلا أن كلام (أمين السر) لم يخلو من فائدة... لأنه أوحى لي بفكرة (سبق لي طرحها بمدونة زميلنا الطارق تعليقا على ذات الموضوع) لا أعلم مدى امكانية تحقيقها.. ولكني أردت إعادة نشرها حتى يتاح لأكبر عدد من المهتمين المشاركة بالرأي حولها، وهي: أن يكون للمدونين ـ شأنهم شأن كل أصحاب المهن والناشطين في حقل العمل العام والمتطوعين في مؤسسات المجتمع المدني ـ جمعية أو رابطة خاصة بهم... تدافع عنهم وتطالب بحقوقهم وترعى مصالحهم… أو أن يطرح وبشكل جاد إمكانية إشراك المدونين بجمعية الصحفيين واعتبارهم أعضاء في جمعيتها العمومية، يمارسون حق الترشيح والانتخاب لعضوية مجلس إدارتها.. كونهم جزئ من الصحافة الجديدة (الصحافة الالكترونية
.
لا شك بأن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة موضوعية متأنية وجادة من جميع الجوانب لا سيما القانونية والعملية منها.. مع بيان أثر ذلك على التدوين.. ومدى تحقيق هذا الأمر للمصلحة المرجوة للمدونات والمدونين... ولكن لا بأس عندي ـ في هذه المرحلة على الأقل ـ أن يتم التناول المبدئي لهذه (الفكرة السريعة) من خلال الحوار والتداول بين أكبر عدد من المهتمين والمختصين حتى تتبلور بشكل أفضل وتصبح أكثر وضوحا وتقنينا
.
فما رأيكم دام فضلكم؟

Saturday, July 07, 2007

الحب والكراهية... هل هما وجهان لعملة واحدة؟

تمثل مشاعر الكراهية ـ بالنسبة للكثيرين منا ـ الوجه المناقض والمعاكس لمشاعر الحب... إلا أن إمعان النظر والتدقيق في هذين الشعورين يكشف عن حالة التقارب العجيب والتشابه الفريد التي تجمع بينهما، بشكل يكاد يجعل منهما وجهين لعملة واحدة
.
فكلا الشعورين غرست بذوره في أعماقنا بحكم الفطرة التي فطر الله الناس عليها.. فباتت تلك الغراس (الباعثة لعواطف الحب وأحاسيس الكره) جزءا من تركيبتنا النفسية التي لا نملك نزعها منا... ولا نستطيع أن نستغني عنها... فضلا عن أن كلا منهما يعتبر من المحركات الأساسية والدوافع الرئيسية لكثير من الأعمال والأنشطة التي نقوم بها
.
أما التناقض بين الشعورين فهو لا يوحي بالتباعدإلا بقدر ما يؤدي إلى التقارب بينهما... وهذه من المفارقات... لأن حملنا لأحد الشعورين يعني حتما وبالضرورة حملنا للشعور الآخر (المناقض له) وذلك بالتزامن معه وفي ذات الموضوع وبنفس القدر والمقدار لكل منهما، وعلى سبيل المثال: فإن حب العدالة يقابله في الجانب الآخر بغض الظلم... ومن هنا يصح القول أن هذين الشعورين يخلقان في ذات اللحظة، كما أن نمو أحدهما يستتبع تلقائيا نمو الآخر جنبا إلى جنب معه، وبقدر ما تكون قوته تكون قوة قرينه... ولكنهما يختلفان في طريقة تعبير كل منهما عن نفسه
.
إلا أن أهم وأخطر أوجه الشبه بين هذين الشعورين هو الأثر الذي قد يخلفه أي منها على النفس والعقل... لأن هذه المشاعر متى تغلغلت إلى النفس سعت إلى التمكن منها فتبدأ أولا بإشباع القلب ثم بإغراقه فيها، لتتمكن بعد ذلك من بسط نفوذها على العقل، فتطغى عليه، ولا تنتهي منه حتى تتحقق لها السيطرة بتغيبه تماما فلا تقوم له قائمة... فتصير من بعد ذلك هي الأمر الناهي والمحرك (الأوحد) للإنسان، وتكون معاييرها المستلهمة من (هوى) القلب هي المسطرة التي يقاس عليها قراره أو مواقفه أو حكمه على الأشياء
.
لا شك بأننا جميعا بحاجة ماسة وضرورية إلى المشاعر التي نشبع بها حاجتنا الإنسانية وذلك انسجاما مع طبيعتنا البشرية... إلا أنه من الواجب علينا أن نحرص كل الحرص على تهذيب هذه المشاعر بالعقل القادر على الإمساك بزمامها وتوجيهها الوجهه الصحيح... لتكون تلك المشاعر هي المنقادة له وليست المهيمنة عليه... فالعقل هو الضامن الوحيد لكبح جماحها... ولا سبيل لحفظ نبل المشاعر ورقي الأحاسيس إلا بحفظ العقول وتقويتا حتى لا تكون فريسة سهلة لطغيان (ما لم يهذب) من مشاعرنا... فهل نحن فاعلون؟