Friday, October 26, 2007

قتلة الأحلام

قتل أحلام الناس يعني قتل لمستقبلهم وإزهاق لمعاني الحياة في داخلهم... وأثر ذلك فقد الإرادة وتبدد العزيمة وخوار الهمة، نتيجة افتقاد الدافع وغياب الحافز... فتنشأ الألفة بين بعض الناس وما يفسدهم من رديئ الأخلاق والهابط من القيم، التي تتشربها النفوس حتى تسلم بها العقول وتركن إليها الضمائر والقلوب.. لتصبح حياتهم من بعدها بلا قيمة.. لأنهم باتوا بلا أحلام يطمحون لتحقيقها ويخططون لنيلها ويسعون للوصول إليها
.
ومن هنا كان قتل الأحلام يعد بحق من أبشع الجرائم، والقاتل فيها من أخطر المجرمين، لأنه يحول الإنسان إلى روح ميتة تسكن جسدا حي... ولذلك فإن أخطر ما قد يصيب أي أمه من الأمم هو أن يسلط عليها من يزهق روح المستقبل فيها بقتل أحلام أبنائها.. إما بجهله.. أو بفساده.. أو باستبداده
.
ألتفت حولي فأجد جميع الناس غير مرتاحين ولا راضين.. ولا حيلة لهم إلا التذمر... الجميع بات منقبضا عن العمل والإنجاز لأن اليقين استقر في النفوس بأن الطموح في هذا الزمن لا يتحقق بالكفاءة والقدرات الذاتية ولكن بالتزلف والنفاق... فربما استجاب البعض لمتطلبات المرحلة ليأخذ مكانه في طابور الفساد والفاسدين.. وربما أحجم البعض الآخر عن ذلك لينضم لطابور الإحباط والمحبطين الذين يعملون بلا نشاط ولا إتقان، لأنهم فقدوا لذة انتظار النجاح والأمل في تحقيق الأحلام
.
هناك ألم نشاهده في العيون ونستشعره في النفوس... قد لا ندرك سببه للوهلة الأولى أو من أين جاء... ولكن قليل من التدقيق يجعلني أجزم بأن سر ذلك هو موت الحلم الجميل في النفوس.. الحلم بوطن أفضل.. ومستقبل أفضل... لتحل محله الكوابيس المفزعة
.
هذه ليست دعوة لليأس والقنوط.. إنما هي عرض لواقع نريد له أن يتغير.. ولن يتغير ما لم نبعث الروح والحياة في أحلامنا من جديد... ولن يتسنى ذلك إلا بانتفاضة تبدأ من داخل أنفسنا لتجدد الأمل فيها.. يتبعها تضافر للجهود ورص للصفوف لمواجهة من قتلوا أحلامنا إما بجهلهم.. أو بفسادهم.. أو باستبدادهم... لنقول في وجوههم جميعا: توقفوا.. فإما اعتدلتم أو اعتزلتم
.
فالأمم الراقية كما يصفها عبد الرحمن الكواكبي:" تجبر المستبد على الترقي معها والإنقلاب، على رغم طبعه، إلى وكيل أمين يهاب الحساب، ورئيس عادل يخشى الإنتقام، وأب حليم يتلذذ بالتحابب. وحينئذ تنال الأمة حياة رضية هنية، حياة رخاء ونماء، حياة عز وسعادة، ويكون حظ الرئيس من ذلك رأس الحظوظ.."ا
.
فهل نحن أمة راقية؟

Thursday, October 18, 2007

لماذا نحب لبنان؟

بلد جميل وشعب يحب الحياة ويقبل عليها... بهذه الجملة أختصر لبنان.. التي لا تحس عند زيارتها بالغربة، لأن الجميع يتعامل معك بعفوية دافئة تكاد تشعر معها بأنك أصبحت جزء من النسيج الاجتماعي لهذا البلد... حيث الناس يتعاطون مع تعقيدات الحياة ببساطة وإيجابية.. فهم يستمتعون بيومهم بتلقائية ولأقصى ما يستطيعون، ويعملون لغدهم بحماس وجدية

.
كثيرة هي الأزمات التي مرت بلبنان والمآسي التي أصابت شعبه... صحيح أنه لم ينجح في التغلب عليها دائما إلا أنها ـ رغم قسوتها وفضاعتها ـ لم تقصم ظهره أبدا... فهوكما يقول أحدهم:" بسرعة بيخرب وبسرعة بيعمر".. بهذه البساطة في التعبير والعمق في المعنى والمضمون يحلل (شوفير التاكسي) أوضاع بلده... وكأنه يريد أن يقول أن كل الإحباطات التي ألمت بهذا الشعب ـ على كثرتها ـ لم تستطع أن تثنه أو تبعده عن الاهتمام بقضاياه والتفاعل معها.. ولم تمنعه عن السعي لإعادة بناء بلده كلما تم تدميره.. ولذلك فهو بحق شعب حي بكل معنى الكلمة... ولعل أكثر ما يميزه هي تلك الروح الإبداعية الخلاقة العالية التي يتمتع بها والمصاحبة له أينما حل.. وتفاؤله الدائم بالمستقبل وتطلعه المستمر لغد أفضل
.
أما الظاهرة الكويتية التي تبرز في هذا السياق فهي اهتمام الكثيرين بالشأن اللبناني الداخلي بشكل استثنائي ومتزايد... فهم يتابعون أخبار (لحود) ومقابلات (بري) وزيارات (السنيورة) أكثر من نظرائهم من الكويتيين... وينتظرون بترقب نتائج اجتماعات (بكركي) بين الفرقاء المسيحيين أكثر من اجتماعات الكتل البرلمانية... ويستمعون بشغف لخطابات (نصر الله) والمؤتمرات الصحفية لـ(جنبلاط) و(جعجع) والمقابلات التلفزيونية لـ(عون) و(الحريري) في حين لا تراهم يكترثون كثيرا لما يصدر عن المسئولين الكويتيين (حتى ولو أذيعت أخبارهم في أوقات الذروة عند تحلق جميع أفراد الأسرة حول التلفزيون)... بل أنهم يحفظون أسماء النواب والوزراء هناك أكثر من معرفتهم بأقرانهم من الكويتيين... حتى بات الحديث بالشأن اللبناني يطغى ـ في كثير من الأحيان ـ على الحديث في الشأن الكويتي.. وانقسم الشارع هنا إلى تيار مناصر (للموالاة) وآخر مؤيد (للمعارضة) هناك.. وأصبح كل طرف يدافع عن موقف فريقه بحماسة تغيب (أحيانا) عند الحديث عن الفرقاء الكويتيين... فهل كل هذا الاهتمام يأتي بدافع الحب للبنان وشعبها؟... أم هو نتيجة للإحباط الذي قادنا للهروب من حالة اليأس في الداخل للبحث عن الأمل في الخارج؟
.
هذا ما خطر لي أثناء وداعي لبيروت مستقلا الطائرة المتوجهة إلى القاهرة... فإلى لقاء قريب في الكويت
:)

Saturday, October 13, 2007

خواطر ليلة العيد

ونفس وما سواها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
قال تعالى في سورة الشمس:" ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكها، وقد خاب من دسها"ا.إذا هذه هي المعادلة... نفس بشرية مفطورة على الخير ونزاعة للشر.. ازدواج وتناقض في الطبيعة والاستعداد.. وقد مُنح صاحبها نعمة العقل الذي يوجه سلوكه، وأُعطي له بعد ذلك حق الاختيار بين الطريقين :"إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا"... فهو قادر على التمييز وقادر على توجيه نفسه... فمن استخدم هذا العقل في تزكية نفسه وتهذيب نوازع الهوى الكامنة فيها كان الفوز حليفه والفلاح نصيبه، وأما من سعى في تغيب عقله وإدراكه وأطلق للشر في نفسه العنان فإنه إلى الخيبة والخسران... وفي نهاية المطاف فإن:" كل نفس بما كسبت رهينة"... " فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى
.
مع التأكيد على أن تعامل الله عز وجل مع إبن آدم مرهون بتعامل إبن آدم مع نفسه:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم"... والإبقاء على باب التوبة مفتوح على مصراعية:"وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويغفر عن السيئات"...ا
.
فاللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه... واجعلنا ممن قلت فيهم:" قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى"... ولا تجعلنا ممن قلت فيهم:" بل تؤثرون الحياة الدنيا. والآخرة خير وأبقى
.
من وحي قراءة: في ظلال القرآن
*****

وطني والعيد
ــــــــــــــــــــ
.
وطني، أَسفتُ عليكَ في عيد المَلا
وبكيتُ من وجْد، ومن إشفاق
.
لا عيدَ لي حتى أَراكَ بأُمة
شَماء راويَة منَ الأخلاق
.
ذهبَ الكرامُ الجامعونَ لأمرهمْ
وبقيتَ في خَلَف بغير خلاق
.
أيظلُ بعضُهمُ لبعض خاذلاً
ويقال: شعبٌ في الحضارة راق؟
.
وإذا أراد الله إشقاء القرى
جعل الهُداة بها دُعاةَ شقاق
.
من قصيدة (رمضان ولى) لأمير الشعراء أحمد شوقي
*****
.
اشتقنا لكم كثيرا وافتقدناكم أكثر
فشكرا لكل من سأل
وشكرا لكل من لم ينسانا بالدعاء
.
واليوم يكتمل عيدنا بلقياكم
فكل عام وأنتم بألف خير
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وعساكم من العايدين والفائزين
وعيدكم مبارك إنشاء الله