Friday, August 10, 2007

الشرعية الشعبية... والشرعية الرسمية

بالعودة لحديث السياسة أقول: إن الحكومات الكويتية تعين وفقا للإجراءات الواردة بالدستور... إلا أن هذه الإجراءات التي تمنحها (الشرعية الرسمية) غير كافية بحد ذاتها لأن تكفل لها الغطاء الشعبي المؤيد والداعم لبرنامجها (إن وجد)... وهذا الغطاء هو ما أطلق عليه هنا (الشرعية الشعبية) التي لا غنى لأي حكومة ديمقراطية عنها لتثبيت دعائم حكمها.... إلا أنه من الواضح أن الحكومات الكويتية المتعاقبة تعاني من فقد لهذه الشرعية بسبب ابتعاد الجمهور عنها وإنفضاضه من حولها... ويرجع ذلك في تقديري إلى أمرين رئيسيين هما: ضعف الأداء العام، وضعف مصداقيتها بمحاربة الفساد... وهو ما يساهم بشكل فعال في دعم رصيد معارضيها، ومدهم بالتأييد الشعبي، وتقوي حناجر رموزهم عند الهجوم عليها... ويجعلها في المقابل تعيش حالة عدم الإستقرار الدائم، ويعرضها للإهتزاز وفقد التوازن أمام أي مواجهه مهما كانت بسيطة
.
ولا سبيل أمامها لكسر عزلتها وتجاوز أزمتها إلا برفع مستوى أدائها الذي سيرتفع معه تلقائيا مستوى مصداقيتها... ولعل في التجربة التركية ما يؤكد ذلك... فحين قدم حزب العدالة والتنمية النموذج في السلوك وفي الأداء، وجد الناس فيه بغيتهم، خصوصاً حين أدركوا أنهم أصبحوا أفضل حالاً في ظل حكمه... لأن الحزب استند إلى "شرعية الإنجاز" فأيدته الأغلبية... ولم يأبه الناس لكل الضجيج الذي أثاره المتطرفون العلمانيون حول خلفيته الأيديولوجية... حتى أن عقلاء العلمانيين لم يجدو غضاضة في التصويت له رغم منطلقاته الإسلامية في بلد تعتبر العلمانية فيه دين وليست مجرد مشروع سياسي
.
هذا الكلام لا أنشره هنا دعاية لحزب العدالة والتنمية... فليس شأني أن أسوق لحزب تركي وأنا بالكويت... فضلا عن أنه في غنا عني وعن دعايتي ... ولكني أردت به القول: إن تعزيز مكانة الحكومة وجذب التأييد الشعبي لها لا يتأتى إلا بالتصالح مع المجتمع... وهذا لن يتحقق إلا إذا أدرك الناس أن استمرار هذه الحكومة مفيد لهم... فشعبية أي حكومة مرتبطة بحجم إنجازاتها في مجالات التنمية ومحاربة الفساد... وعندها لن تحتاج هي للدفاع عن نفسها والرد على مزاعم معارضيها مهما ارتفعت أصواتهم... لأن من سيتولى تلك المسؤولية عنها هم الناس الذين سيلتفون حولها ويمنحمنها (الشرعية الشعبية) القادرة وحدها على مواجهة المعارضة ورد هجومها ـ خاصة إذا كان هذا الهجوم في غير محله
.
وهذا بالضبط ما أثبتته التجربة التركية... فبرغم ضرواة الحملات التي شنها معارضو حزب العدالة والتنمية ضده... إلا أن رده عليهم لم يكن بالكلام بل كان بالإنجازات التي تحققت على أرض الواقع... وهو ما جعله في النهاية يقبل بثقة الإحتكام إلى الشارع وإلى قواعد اللعبة الديمقراطية التي أنصفته على معارضيه لأنه إستطاع أن يقدم ما عجزوا عن تقديمه
.
فهل الحكومة الكويتية حريصة على كسب (الشرعية الشعبية) القادرة على تثبيت دعائمها؟... أم أنها مكتفية (بشرعية مرسوم التعيين) الذي لم ولن يمنع سقوطها المتكرر وإعادة تشكيلها أكثر من مرة؟
.
المكتوب بالون الأزرق مقتبس بتصلاف بسيط عن مقال للأستاذ والكاتب المحترم/ فهمي هويدي بعنوان:( أجراس الحدث التركي ورسائله) والمنشور في موقع الرواق

11 comments:

wafa'a said...

لحسن الحظ أول تعليق :)

أخي الكريم

متى ما لمس الشعب من الحكومة إصلاحاً و لنكن اكثر دقة و نقول إنجازاً فإنه لن يتردد في منحها الشرعية الشعبية بل ستظفر حينها الحكومة بهذه الشعبية بكل سهولة و أريحية .
بالضبط كما ذكرت و كما حصل في التجربة التركية .. حزب العدالة و التنمية لاقى من الحملات العدائية ضده ما لاقى .. لكنه ترك لغة الأفعال تنطق بدلاً عنه ، حتى شفعت له تلك اللغة الفاعلة و أوصلته لما يريد من جديد..

نحن لا نريد سوى شفافية في التعامل و خطة واضحة و برنامج حكومي جيّد تسير عليه .. التخبط و العشوائية لا تنفع حتى الإنسان البسيط ، فكيف بحكومة كاملة؟
إذا أقدم أحدهم على امر ما فإنه يخطط و يستشرف المستقبل ، فلم لا تكون للحكومات تلك النظرة البعيدة في التخطيط و التنمية؟

أجد في التجربة الماليزية في السياحة حساً تنموياً ، فهي خططت و سارت على خطا رسمتها بتأني .. مرة أخرى لم لا تكون للحكومة تلك النظرة البعيدة في التخطيط و التنمية ؟

الجواب غير معلوم :)
لا أذيع سراً حين أقول بأنني أحياناً أشعر بأنها تسير على المثل القائل بأن المستقبل في علم الغيب و ما سيأتي سنتعامل و فقاً عليه ، و لا داع لاستباق الأحداث.. !

أكتفي بهذا القدر ... :>

Shather said...

مشكلتنا يا اخي بو غازي ان الحكومه لا تكترث لرأي الشعب فيها ..

فيكفيها استحسان الشخص الوحيد الذي قام بتزكيتها ..

و دام انها عارفه ان ظهرها قوي و مسنود و دام جيبها امتلئ ما عاد خالي .. ما تهتم سواء انجزت او لم تنجز)

و حتى ان انجزت فتات اشياء تظل انجازاتها شكليه و ظاهريه

لكن بالواقع لم تنجز شيء يستحق الذكر عبر التاريخ

تسلم :)

Unknown said...

كلام جميل جدا
ولكن عقلية اختيار الوزراء لدينا بالكويت مختلفة
هي عن طريق نظام الكوته

يجب ان يكون هناك
سلفى
شيعى
عازمي
حدسي
سنى
تكنوقراط

وهلم جره
بهذه العقلية يكون لدينا حكومة ذات شرعية مراضاه
لنقولها تجاوزا فتصبح شرعية الانجاز التى تفضلت فيها مفقودة ومن ثم الشرعية الشعبية مفقودة ايضا

دمت بسلام
ويعطيك العافية على الكلام القيم
اخوك مشارى

بوغازي said...

loyalty
طرحت سؤال وهو: لم لا تكون للحكومة تلك النظرة البعيدة في التخطيط و التنمية؟
الإجابة ببساطة: لأن فاقد الشيء لا يعطيه... فهي لا تعرف ما يعنيه التخطيط وليس عندها مفهوم واضح للتنمية... ويبدو أن التخطيط والتنمية وفق مفهومها مجرد شعارات ونوايا... وهي ليست كذلك على الإطلاق.. لأنها ثقافة قبل ذلك وبعده... ومن لا يمتلك هذه الثقافة لن يعرف كيف يخطط ولن يستطيع أن يحقق تنمية (وبالمناسبة هذا موضوع لمقال قادم إنشاء الله)... ومن الأن إلى أن يرزقنا الله وزراء يفهمون معنى التخطيط وأهميته ويدركون مفهوم التنمية ومستلزماته لن تمشي البلد إلا وفقا لقوانين التخبط والعشوائية... فنسأل الله أن يعجل بزوال هذه الغمة ويرفع عنا هذا البلاء... اللهم آمين
.
وتبقين دائما من السباقين الأولين
:)

.......

Shather
أتفق معك إلى حد كبير بأن الحكومه (أو السلطة بالأصح) لا تكترث لرأي الشعب فيها... ومن هنا أقول: أن على الشعب أن يتحمل مسؤولياته ويضغط على الحكومة (أو السلطة) بالقدر الكافي لإشعارها بأهمية أن تسعى لإسترضائه ونيل إستحسانه وإلا فإنها ستنال منه ما تستحق... هذا إذا كان الشعب حريص على حقوقه... لأن هيبة الشعب وقوته المستندة لثقافته هي التي ستحفظ له هذه الحقوق وليست الدساتير والقوانين من يحفظها له... فالشعب هو الضمانة للدستور والقانون وفاعلية تطبيقهما... أما النصوص التي لا يحميها شعبها فلن تقوى على حماية نفسها من الإختراق ولن تقوى على حماية شعبها من الفساد... ولا شرايج؟؟
.
أسر دائما بمرورك من هنا وباهتمامك بما أدونه.. فشكرا جزيلا
:)

......

مشاري
وهذه هي مشكلتنا الأزلية... المراضاة على حساب التنمية.. وعلى حساب التخطيط... وعلى حساب المصلحة العامة... ومن ثم فهي على حساب الشعب والبلد... وهذا هو ساس البلاء وعين الفساد... ولن يكون هناك حل ولا حلحلة للوضع الراهن الغارق بالسوء إلا بإسناد الأمر لأهله.. فتلك هي أول خطوات الإصلاح الحقيقية.. أما سواها فهو لن يكون إلا مزيد من التخبط في وحول الفساد
.
دائما عزيز وغالي يالحبيب
:)

Fahad Al Askr said...

حكومتنا عزيزي تكتفي برد الفعل والتحلطم على ما يدور بالبلد بدلا من القيام بخطوة للأمام

Q8DOLL said...

للأسف حكومتنا فعلا في الفتره الحاليه مكتفيه وراضيه ومقتنعه بشرعية مرسوم التعيين ويبوسون ايدهم ويه وظهر لأنهم موجودين
الأنانيه ذبحتنا بهالديره الكل يقول يالله نفسي
والحمدالله وصلت لهالمكان وابي استفيد من مكاني ناسين ان المفروض يفيدون ويضيغون شي بعهدعم عشان يصير لهم بصمه وطنيه تعزز وجودهم وشعبيتهم

الحين انا بسألك
انت تعتقد ان تشكيل الوزارء فيه دراسه كافيه باحتياجات الشعب وتوجهاتهم ومصلحتهم
أو

تعالوا نلعب لعبة الكراسي ومنو تبون تحطون ومنو يايزلكم ؟؟

Shather said...

اكيد اصبت فيما ذكرت

و رأيي من رأيك :}

ما تشوف وزراءنا ما شاء الله الواحد منهم من يمسك وزاره بعد جم يوم يا مستقيل يا مادري شمسوي


احس انهم يبون هالمنصب ليس لخدمه البلد

لكن عشان "لقب وزير" و المعاش اللي بيحوشه من ورا هاللقب


لانهم بالاساس مو قاعدين يختارونهم وفق معايير الكفاءه و الموازنه بين الخبرات و المناصب اللي يقلدونها الوزراء المختارون


في مثل يقول(عط الخباز خبزه (


اتوقع نكون اكثر شعب يملك موسوعه من الامثال و الغطاوي لكن مع الاسف احنا الوحيدين اللي ما نعرف نستخدم المثل المناسب بالموضوع المناسب



مادري استخدمت المثل بمكانه الصح ؟ :)

Unknown said...

عزيزى بو غازي
بدأت المرحلة الاخيرة للتصويت لافضل نائب الرجاء التصويت

شاكر لك

بوغازي said...

فهد العسكر
من الواضح يا بوعسكر أن حكومتنا لا تعرف أن تتخذ أي خطوة للأمام... لأن كل خطواتها في واقع الحال للخلف... وللخلف فقط
.
يبيلهم يتعلمون المشي من جديد

.......

q8doll
يا ريت وقفو عند لعبة الكراسي وبس... فالأمر تطور إلى لعبة الموبايلات... يعني وقت التشكيل الوزاري إذا الله رزقك وانتشر إسمك في واحدة من هالمسجات ضمن التشكيلة قبل الإعلان الرسمي عنها... يمكن تضبط معاك ويحطونك وزير صج
.
خمبقة.. وبربسة.. ويقولون إصلاح!؟

.........

shather
المثل في مكانة الصحيح
.
وضياع المعايير وصل لمرحة أنهم أصبحوا يعينون بعض الأشخاص في منصب وزير ليس بسبب الكفاءة والقدرة على تلبية متطلبات هذا المنصب... وإنما كمكافأة على ما قدمه لهم وكأنها نظير نهاية خدمة... وكل هذا على حساب البلد والشعب... وعاش الإصلاح شعارا يرفع باليافطات ويلقى بالخطابات ويحبس بالضمائر والقلوب

.........

مشاري
أبشر يالحبيب
:)

rwatan said...

عيب علينا حكومات متتابعة لا تمثل إلا نفسها و نحن لا حول لنا و لا قوة. لا يوجد أحد بالحكومة يرغب بتعديل الوضع و أكرر طل ثم طل ثم طل بكل فاسد كان و سيكون و اعاننا الله على تحمل مغامراتهم
توجد قيادات بالسلطة ممن تهوى أن يبوس الناس خشمها و للأسف كثر الأتباع و المحيطين ممن يهوون تقبيل الخشوم وحنا ولا يدرون عنا و لا اصلا معترفين بأحقيتنا لحياة أفضل

و شكرا

بوغازي said...

rwatan
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
.
ولكن يبدو يا عزيزي أن الشعب قد اكتفى (من الحياة) بتحقيق (إنجاز) الدوائر الخمس... ثم توقف إلى حين... فنسأل الله أن يعجل بقدوم ذلك الحين
.
أما موضوع الأتباع والمحيطين فهم نتاج طبيعي للفساد... لأن الفساد دائما ـ في أي زمان ومكان ـ يسعى لخلق البيئة والأجواء المناسبة لتكاثر هذه النوعية من البكتيريا والطحالب حوله... لأنه بذلك يسترضي نفسه ويشعرها بقربه من الناس وقرب الناس منه... متغاضيا عن حقيقة يعلمها في قرارة نفسه علم اليقين.. وهي أن هؤلاء المتحوطين حوله هم زمرة المنافقين الذين يحسنون تزين له سوء عمله... وأنهم أول من سيقفز من القارب متخليا عنه وعمن فيه عند إحساسه بغرقه
.
شرفتنا ونورتنا
:)